الاغتيال الاقتصادى للأمم
تأليف: جون بيركنز
هو عبارة عن مذكرات قرصان إقتصادي دولي .. ويحكي الرجل تجربته مع هذه الوظيفة.
يتحدث الرجل عن أنه بينما لجأت القوى القديمة (بريطانيا وفرنسا) للإحتلال العسكري المكلف مادياً وبشرياً؛ نهجت الولايات المتحدة نهج مختلف تماماً وهو ما عرف بـ(سياسة الإحتواء الإقتصادي) والتي تتلخص في مبدأ بسيط جداً ألا وهو إستخدام الموئسسات الدولية مثل "البنك الدولي" في تقديم مساعدات إقتصادية وقروض إعمار لدول العالم الثالث مقابل أن تقوم الشركات الأمريكية بتنفيذ المشروعات الكبرى في الدولة المستدينة مثل محطات طاقة ومطارات وشبكات طرق وشبكات إتصالات؛ وفي الوقت الذي تستدين هذه الدول من البنك الدولي تكون فوائد القروض أكبر من قدرة هذه الدول على السداد ومن ثم تتراكم فوائد القروض وتعجز هذه الدول عن السداد.
هنا تتدخل الولايات المتحدة "لمساعدة" هذه الدول مقابل قواعد عسكرية أمريكية على أراضي هذه الدولة أو لتمرير قرارات معينه في مجلس الأمن أو القيام بإصلاحات إقتصادية داخلية معينه (خصخصة القطاع العام، الضريبة العقارية، الكويز، .. الخ) تساهم في زيادة الطين بللاً. بهذا يكون البنك الدولي فاز بفوائد القرض وفازت الشركات بأموال عقود الإعمار وفازت الولايات المتحدة بالسيطرة السياسية على الدولة المستدينة ولا يوجد خاسر في هذه اللعبة سوى المستدين. تكرر هذا الأمر في دول كثيرة جداً مما يطرح سؤالاً مهما؛ لماذا تستدين هذه الدول أصلاً؟؟
عملت سياسة الإنجليز (المستعمر القديم) على تنصيب ما يسمى بالواجهة المحلية في الحكم. هذه الواجهة تظل في الحكم مادامت محافظة على مصالح الاستعمار وعندما تفشل في الحفاظ عليه يتم التنكيل بها كما حدث مع (نورويجا في بنما؛ صدام حسين في العراق؛ مبارك في مصر) وبالتالي فموافقة صانعي القرار في الدول الصغرى على الاستدانة بقروض لن تحتاج اليها دولهم لن يصبح مشكلة كبيرة لأن هذه الواجهة المحلية تدين ببقائها في السلطة للولايات المتحدة؛ مما يعني أنها ستوافق على أي قرض ما دامت الولايات المتحدة أمرت به. وللعجب فبينما جلست لكتابة هذه السطور قرأت عن إحباط القوات الأمريكية لمحاولة إنقلاب القوات المسلحة القطرية على الواجهة المحلية "حمد بن جاسم" وذلك لأن الرجل يسير وفق المخطط الأمريكي الكبير بمنتهى الدقة ولا داعي لإستبداله الآن
للتدليل على نظرية الإحتواء الإقتصادي دعونا ننظر لبلد وقعت في براثن الإحتواء الإقتصادي بنفس الأسلوب .. في آواخر ستينات القرن الماضي تم إكتشاف إحتياطي كبير للنفط في "إندونيسيا" وفوراً أصدرت الإدارة الأمريكية الأوامر للشركات الأمريكية العملاقة بضرورة إحتواء إندونيسيا بأي ثمن حتى لا تقع في قبضة المعسكر الشيوعي بكل ما تملكه من إمكانيات نفطيه هائله.
توجه مسئولين من هذه الشركات لمقابلة صانعي القرار في إندونيسيا لتقديم عروض بتجديد شبكة الكهرباء وبناء محطات طاقة جديدة تساعد على بناء المزيد من المطارات والطرق والمصانع وإحداث نهضة إقتصادية في إندونيسيا وعرض المسئولين في هذه الشركات "التوسط" لدى البنك الدولي لتسهيل هذه القروض.
قامت الشركات الأمريكية بوضع توقعات أحمال طاقة عالية جداً تفوق حاجة إندونيسيا الفعلية؛ فالحقيقة أن أحمال الكهرباء التي كانت تكفي لم تكن تتعدي الـ 8% من قدرة الشبكة ولكن الشركات قدرت الأحمال المتوقعة بـ 20% حتى تزيد قيمة القرض ولم تمض أكثر من 5 سنوات شهدت فيها إندونيسيا طفرة بالفعل ولكن حين جاء ميعاد تحصيل الفوائد هرعت إندونيسيا لأمريكا طالبة العون. هنا قبلت أمريكا أن تساعد إندونيسا على التدخل لدى البنك الدولي لجدولة الديون في مقابل الحصول على عقد إحتكار للشركات الأمريكية للتنقيب عن البترول في الأراضي الإندونيسية.
وبهذا تم نقل مال القرض من خزانة البنك الدولي الى مصارف نيويورك و واشنطن وحصل البنك الدولي على الفوائد فيما حصلت الولايات المتحدة على البترول وفازت الشركات بأموال القرض التي ستصب مباشرة في خانة الإقتصاد الأمريكي. وهكذا تم نهب ثروات إندونيسيا على الرغم من أنه كان بلداً واعداً جداً ذو مستقبل مشرق.
وتستمر المأساة مع الجميع .. وفي الكتاب نمازج أكثر وقاحة منها مثلا تدخل عسكري مباشر في كل من بنما والعراق لتوريد عقود إعادة إعمار تساهم في رفع حالة الإقتصاد المتهاوي للولايات المتحدة
لتحميل الكتاب
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]