الحلقة (7) 


صلوا على النبي
عندما يشكو المرء أنه يشعر بالمشقة في قيام الليل، وأنه لا يستطيع أن يطيل القيام، فسبب ذلك أنه لم يحاول أبداً أن تكون الصلاة قرة عينه ونعيم قلبه وسرور بدنه، وأن تكون راحته فيها، ومحبته لها .. لذلك يكون همِّه وشكواه أنَّ الصلاة طويلة ! المحبون لا يجدون للعبادة تعباً، كما كان حال النبي صلى الله عليه وسلم حين يقوم الليل حتى تورمت قدماه من طول القيام .. فهل تراه كان يشعر بالمشقة ويتململ ؟! لمّا قيل له لماذا تفعل ذلك يا رسول
الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال:
" أفلا أكون عبداً شكوراً " !

ف لانه محبٌّ وقف ليشكر محبوبه جل وعلا، ولم يحس بالألم، ولم ير أثراً للمشقة، بل وجد تنعمه ولذته وسروره في الوقوف بين يدي ربه، وهذا هو حال المحبين في الدنيا .. فإنهم لا يشعرون حين الوقوف مع محبوبهم بطول هذا الوقوف ولا بالمشقة ولا بالتعب، وهم يقفون مع بشر زائل مثلهم، فما بالك بمن يقف بين يدي الله تعالى!
لابد للمؤمنين المتقين أن يغيروا ذلك الفكر في عقولهم وذلك الحال في أعمالهم، بأن تكون صلاتهم وهذه الوقفة التي يقفونها هي نعيمهم ولذتهم في الدنيا وهي التي تخفف عنهم وقوف يوم القيامة، فهذه الأعضاء التي تتعب في الدنيا من طول القيام والركوع والسجود، هي التي تنير للمرء طريقه على الصراط إلى جنة الله تعالى ! ما لم يتغير فكر المؤمنين ذلك وما لم يجاهدوا أنفسهم بقوة الله تعالى ومدده ليتحقق لهم هذا الحال الحسن فسيظلون على هذا الحال من الشكوى من العبادة ! إذا لم يُسرُّوا بالوقوف بين يدي الله تعالى في الدنيا فبأيِّ شيء يسرون ؟ وإذا لم يتنعموا بذلك فبأي شيء يتنعمون ؟!